الاثنين، 19 سبتمبر 2011

من الارض


من  الارض
      
منة الله رأفت




عاني من فقر القريه –فهي قريه بسيطه كأغلب قري مصر انعدم منها كل مظاهر التحضر والرخاء فبيوتها مبنيه بالطوب اللبن وارضها لا تعرف شيئا سوي العادات والتقاليد وتعاليم الاديان السماويه التي دفنتها وحفظتها بين طياتها علي مر الاجيال وكانت تبذل قصاري جهدها في نشر هذه العادات والاديان بين حباتها وزروعها لتعلم البشريه اصل الاخلاق والقيم ...ومثله مثل باقي اهل القريه يعيش علي خيرات الارض ويكتسب منها كل يوم قيمه جديده يحفظها بين ضلوعه تؤثر فيه ويؤثر فيها ويحولها الي منهج للحياه
وظل يسير علي هذا المنهج منذ ان بدا يخطو..فاعتاد علي صلاه الفجر حاضر وتلاوه القران قبل نزوله الي المزرعه مع والده
وحينما حان وقت التحاقه بالمدرسه كان يقف امام والدته وهي تخبز له العيش الذي سياخذه معه الي المدرسه
وظل يشب ويكبر ويفهم معاني القيم والاخلاق ..وتعلم الحب ايضا ..وجده في كل شئ حوله ..وجده في السماء وهي تحتضن الزرع والارض وجوده في لؤلؤات الشمس في الترعه
وكان هناك علي الترعه تقف بنت جميله تعاني من البكم كانت دائما تقف مع شاب بنفس حالتها يتهامسون الحب بدون كلام ..كانت عيناهما لسان فصيح يتحدث باجمل عبارات الحب والهيام
تاثر بتلك المشاعر وتاثر بهما ..كان يعلو صوته شجنا عندما يضربهما احد او يضحك عليهم احد ابناء القريه ويعايروهم بعاتهم (البكم)
فكما اكسبت الارض الاخلاق اكسبت ايضا روح المزاح وفنون المقالب والتهكم
فكان الكثيرين ممن لا يعرفون التعامل مع البكم يحولون عجزهم الي مزاح وتهكم عليهم
وكان يثور علي كل كلمه تهكم عليهم كان يعرف ويشعر بما يعانوه وقرر ان يتعلم لغتهم ليحاول فهمهم والتقرب اليهم فتعلم لغه الاشاره وحاول ان يعلمهما مما تعلم وبدأ يشرح لهم ما درسه بالمدرسه علمهم كيف يقرأون ويفهمون ما يقرأون ..علمهم كيف يكتبون ..احبوه واحبهم وكان يصلي الفجر وينزل ليجلس معهم علي شط الترعه الي ان باحو له بحبهم وطلبوا منه ان يساعدهم في الزواج من بعض
ففرح كثيرا وكان شاهدا علي عقد الزواج ومرت الشهور ووضعت نعيمه مولودها الاول وكانت معجزه الله فانه كان يتحدث ففرح الزوجان وفرح صديقهما ووعدهما ان يتولي مهمه تعليمه وشعروا ان الله قد منع منهم هذه الحاسه ليعطيها لابنهما
ظلت الام تعتني به والاب يعمل ويكدح لتعليمه الي ان وصل لسن السادسه وكان من الضروري دخوله المدرسه ودخل بالفعل ووجد كل الناس تتحدث مثله
ذهب الي امه يحدثها دون اشاره فهي لا تفهمه ويحاول يحدثها ثانيه
لاتفهمه وثالثا ورابعا دون جدوي صرخت الام لتنبهه ان يشير لها لما تريد ولكنه استقبل صراخها بصراخ وتهكم علي وضعها ولم تفهمه الام لكنها شعرت باهانته لها فاستقلت مقعدا بجوار جدار البيت وظلت تبكي والطفل ظل يبكي ثائرا يطلب منها الكلام معه فهي اقرب شخص له ولا يستطيع الحديث معها
دخل اليهما صديقهما ومعه والده ففوجعا من المنظر
جري الاب الي زوجته واخدها بحضنه محاولا تهداتها وحاول هو تهدأه الولد وافهامه بالوضع
وقرر ان ياخذه في بيته ليعيش معه فهو متزوج منذ سنوات ولم يرزقه الله بطفل
وترك الطفل البيت وترك وراءه حزنا دفينا بالاعماق
حاول احمد توضيح الامر للطفل وحثه علي طاعه الوالديين ويقدم له النصائح عن كيفيه التواصل معهم
وارد الطفل ان يكمل حياته مع احمد لكن معامله زوجته السيئه له وخصوصا بعد ان رزقها الله بحمل من زوجها جعلته يعود للعيش مع امه وابوه اللذان استقبلاه بفرحه ونسا بوجوده بكمهما فراحت الام تهلل بعودته وظل احمد واقفا سعيدا ينظر اليهم في فرحه
وجاء اليه ساعي البريد يحمل له خطابا من احد مؤسسات الصم والبكم في القاهره يناشدوه برغبتهم ان يعمل معهم براتب مجزي ..شعر وقتها انه استطاع ان يحيا استطاع ان يكون مختلفا وان يقضي علي فقر القريه الثقافي والمادي

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق